الجمعة، 4 مايو 2012

(البخارية) من أقدم الاسواق الشعبية في عمان



صورة

وليد سليمان - عدسة: نادر داود  - يعتبر سوق البخارية الشعبي من أهم وأعرق الاسواق الشهيرة والقديمة في وسط مدينة عمان او ما يسمى بقاع المدينة او البلد .. وذلك بسبب حضور هذا السوق التراثي الجميل في ذاكرة اهل وسكان مدينة عمان حيث ان لكل واحد منا حكاية او موقف قديم من خلال التسوق من هذا المكان النادر في تخصصه بعرض وبيع ادوات الحياة الشخصية وبالذات الصغيرة الحجم .
 في فترة الستينات من القرن الماضي مثلاً ;كان من يرغب بشراء مقص ً للأظافر او للشوارب فلا يجده إلا في سوق البخارية وبأنواع وأسعار متنوعة .. ومن يريد شراء محفظة للنقود فلا بد له من التوجه لهذا السوق ايضاً , ومن يريد من الشباب شراء ولبس نظارات شمسية فان مقصده أولاً للبحث عن نظارة جميلة ومناسبة في هذا السوق .. حتى الرجال الذين كانوا يستعملون القداحات القديمة التي تعمل على البنزين والقطن وحجار القداحة وعلب الدخان المعدنية فأنها ستكون موجودة فقط في هذا السوق. 
والحلاقون قديماً كانوا يذهبون لسوق البخارية لشراء أمواس ومقصات وماكينات وأدوات الحلاقة الاخرى كالصابون والعطور والكريمات من البخارية . 
كذلك كانت نساء عمان على صلة قوية ومازالت الى حد ما جيدة بهذا السوق الذي يوفر لهن أصباغ أحمر الشفاه والبودرة وكريمات التزيين والعطور وطلاء الأظافر.. الخ عدا عن ادوات الخياطة من إبر ومواسير خياطة وخيوط الحرير للتطريز والكشتبانات للأصابع اثناء الخياطة وأزرار الملابس و الدبابيس و البكل واطواق الشعر وجوارب النايلون ... الخ . 
ومن يبلغون الآن خمسون عاماً مثلاً من اهل عمان لابد انهم يتذكرون وهم صغار في السن انهم ذهبوا عدة مرات لهذا السوق قديماً مع آبائهم او أمهاتهم للتسوق من هذا السوق وكم كانوا يشعرون بالبهجة والفرح عند قضاء وقت التسوق ومشاهدة الموجودات الصغيرة والجميلة في محلات هذا السوق التي كانت توضع على طاولات لها غلاف زجاجي عدا عن الاشياء الاخرى الظاهرة على رفوف ومعلقات المحلات أيضا .. وكان الصبي أو البنت لا يخرج فارغ اليدين فلا بد من شراء شيء يفرح به من هذا السوق مثل نظارة او عروسة , او قلادة او اساور معدنية كأنها ذهبية لكنها(فالصو) مقلدة زهيدة الثمن . 
في بداية ثلاثينات القرن القرن الماضي كانت عمان محطة استراحة للحجاج القادمين من الشمال و الشمال الشرقي مثل سوريا وتركيا ودول ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي حيث العديد من الجمهوريات الاسلامية هناك ومنها مثلا اوزبكستان حيث جاء منها وبالذات منطقة بخارى العديد من الحجاج للحج الى بيت الله الحرام في مكه المكرمة , وبعض هؤلاء الحجاج وعند عودتهم من الحج كانوا يستريحون في عمان وبعضهم يذهب للتقديس الى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهو المسجد الاقصى في القدس وعند عودتهم الى عمان التي تقع ضمن ديار الاسلام كانوا يجدون المحبة والترحيب والكرم ،ومنهم من استهوته عمان البلدة القديمة والجميلة الساحرة بمياههاالوفيرة وبساتينها العامرة وأهلها الطيبين, فقرروا الاقامة بها .
ومنهم مثلا الشيخ الحاج كمال الدين البخاري الذي أسس سوقا بسيطا عام 1934 في الساحة الخارجية الترابية للمسجد الحسيني حيث وضع بعض بعض التجار البخاريين بسطات صغيرة أشبه بالطاولات مغطاة بألواح زجاجية لتظهر السلع للبيع كالخناجر والمسابح واحزمة الجلد وأمشاط الشعر والمقصات وغير ذلك وكان أيضا من المؤسسين مع الحاج كمال الدين كل من الحجاج هاشم ونور الدين وحامد البخاريين ,وكان هذا السوق المكون من معرشات او براكيات الخشب والزينكو قد أخذ مظهر السوق الشعبي وممن اشترك بهذه المهنة في هذا السوق البعض القليل من الافغانيين والايرانيين 
وكان يشتري من هذا السوق اهل عمان وبعض البدو والفلاحين القريبين من عمان وتذكر بعض المصادر ان الامير عبد الله الاول بن الحسين كان بعض الاحيان يمر بالسوق مستفسرا عن احوال التجار والزبائن والناس وعندما شب حريق مفاجئ في أواخر ثلاثينات القرن الماضي في هذا السوق البدائي والبسيط اتفق الباعة التجار مع المالك فوزي المفتي على ان يبني لهم سوقا حديثا من الحجر ليستأجروا منه المحلات 00 وكان بقرب المكان خان للخيول وهكذا أعيد إحياء سوق البخارية بشكل أرقى وبمكان قريب جدا من السابق وبدكاكين بلغ عددها 23 متجرا منها الصغير والكبير هذا ما حدثنا به احد التجار من الجيل الثالث محمودمحمدهاشم البخاري ومع الايام لم يبق من اصحاب المحلات من اصل بخاري إلا ما نسبته (50)% حيث شاركهم الاردنيون ,وقد توارثت عدة اجيال من البخاريين الاردنيين هذه المهنة أبا عن جد .
وسوق البخارية والذي هو جزء هام من ذاكرة ونشوء وحياة عمان فيه بعض الشبه ولكن بشكل مصغر للاسواق الشعبية القديمة في كل من القدس ودمشق واستنبول لذلك فان من احد برامج زيارات السياح الاجانب لعمان هو زيارة هذا السوق و التجول فيه والشراء منه بعض الهدايا والتحف الشرقية المحلية الاردنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com