الجمعة، 18 مايو 2012

النقد: أشخاص يتقبلونه برحابة صدر وآخرون يرفضونه




منى أبو صبح

عمان-  "النقد الإيجابي صنع منّي رجلا في الحياة".. هكذا يقول الثلاثيني ماجد فخر الدين الممتن لوالده بشكل كبير، فهو الذي عزز بداخله قيم الثقة بالنفس منذ الطفولة.
يقول فخرالدين "كنت أتلقى النقد من والدي بصدر رحب، كونه يطرحه بأسلوب محبب لدي، مثل نقده لطريقة ارتدائي اللباس، وقصة شعري، إلى جانب نقده البناء في تحصيلي العلمي وطريقة تعاملي مع الآخرين، ما حفزني على الاجتهاد في طلب العلم".
شخصية الآباء تنعكس على الأبناء، وفق فخرالدين، مؤكدا أنه سيربي أبناءه ويعالج أخطاءهم بالأسلوب ذاته الذي كان والده يستخدمه معه.
استشارية الأسرية والإرشاد التربوي سناء أبوليل، تشير إلى أن هناك استراتيجيات للتربية الإيجابية، مؤكدة أهمية اتباع أسلوب النقد الإيجابي في الباطن والظاهر، الذي يوصل الفكرة بأسلوب محبب للآخرين.
وتحث أبو ليل على ضرورة امتلاك الشخصية التي توجه النقد مهارات الاتصال، مثل فن الحوار، والإنصات والإقناع.
هذه الأدوات، وفق أبو ليل، يجب أن يمتلكها هذا الشخص لتحقيق التواصل البناء، والدخول في حوار هادف، ومن خلال أسلوب معين لإيصال الفكرة، منوهة إلى وجود عوامل مساعدة في عملية الحوار مثل؛ الابتعاد عن جلسة المدير والموظف، وتجنب وقفة المعلم أمام طلابه.
والجلسة المفضلة، كما تقول، هي استخدام لغة الجسد مع الأبناء والنظر بالعين، ولغة الكلام المحببة بعد تهيئة جسور التواصل، فالغالبية لا يتقنون هذا الحوار، ولا يستمع لهم.
وتقول "إذا أردت أن تكون متحدثا لبقا، يجب أن تكون مستمعا منصتا، فيجب على الناقد أن يأخذ الفكرة كلها وفهمها، ليستطيع الرد على الآخر وإيصال فكرته وانتقاده، إلى جانب امتلاك مهارة الإقناع في تحريك العاطفة وحث العقل، لتمتلك الشخص الذي أمامك وتسيطر عليه".
شيماء مهدي (16 عاما) تعبر عن انزعاجها الشديد من انتقادات والدتها المتكررة لها، وخصوصا أمام الآخرين، وتوبيخها لأنها لا تهتم بدراستها، مشيرة إلى أنها تكرر لها جملة "لن يكون لك أي شأن في المستقبل".
وتقول "تردد والدتي دائما إنك لن تفلحي أبدا، ولن تتعلمي أبدا، فأصبح لدي اعتقاد بأن كلامها صائب، وأنني فعلا لا أستطيع عمل أي شيء في الحياة".
مهدي التي تؤكد أن والدتها تحبها وتحرص عليها، تشير إلى أن السخرية والاستهزاء بالآخرين تجرحان المشاعر، خصوصا إذا كان هذا الكلام صادرا من أقرب الناس لديه، مؤكدة أنها تعمل على تحسين أدائها الدراسي ليس من أجل العلم وإنما لنيل رضا والدتها.
في حين يرى نائل سرور (26 عاما) أنه يستطيع إيصال فكرته أو رأيه تجاه موقف ما عن طريق النقد الساخر، ويعترف أنه يجيد هذا النقد، خصوصا مع الأشخاص الذين يوجهون له انتقادا ما.
أما النقد الجارح الذي يتفنن البعض في طرحه، فهو أسوأ أنواع النقد، حسب قوله، وهذا يدل على قسوة الناقد لمن حوله، منوها إلى أن ما يزيد الأمر سوءا بأن هذا الشخص لا يعلم مدى ونتيجة انتقاده للآخر.
ويقول سرور "يجب على الإنسان أن ينتقد نفسه قبل توجيه انتقاده للآخرين، وإذا نجح في هذا الأمر استطاع إيصال ملاحظاته بشكل إيجابي إلى الآخرين".
وتشير أبو ليل إلى إمكانية استخدام أسلوب "الإضفاء" في النقد البناء، موضحة "فإذا أراد الناقد تغيير سلوكيات الشخص الذي أمامه عليه ذكر ايجابياته قبل سلبياته، فيصبح مفعما بالإيجابية، ويستطيع تقبل النقد، فالإنسان يحب المدح ويكرس السلوك الذي يمدح عليه".
الموظف علاء منيزل (32 عاما) في إحدى الشركات الخاصة، يؤكد أن انتقاد مديره له انعكس ايجابا عليه في تطوير عمله وتحسينه.
وعمل منيزل يتطلب مهارات الاتصال بالآخرين، كونه يعمل في تسويق الإعلانات التجارية، وفي البداية كان يائسا لعدم تحصيله النتيجة المطلوبة، وعزم على ترك العمل، فما كان من مديره سوى رفض طلبه ومعرفة الأسباب.
وحرص مدير منيزل على معرفة تفاصيل جميع الأحداث التي تواجهه حتى البسيطة منها، وكان ينتقدها بأسلوب مهذب، استطاع من خلاله الاستفادة والإبداع في عمله.
يعرف الانتقاد في علم النفس، وفق أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية مجد الدين خمش بأنه من "الحيل الإسقاطية، إذ يعاني من يوجه الانتقاد من بعض الثغرات، ويسقطها على الآخرين، ويخاف من انتقاد الناس فيحاول تسبيق انتقاده".
ويقول، "يفضل تجنب الأشخاص الذين لهم صفة الانتقاد، لأن لديهم مشاكل، وحب تسلط، ويستخدمون الانتقاد لإضعاف الآخرين والسيطرة عليهم، فهم غير مريحين في أسلوب التعامل".
ويحث خمش على ضرورة تجنب أسلوب الانتقاد داخل الأسرة، لأنه غالبا ما يصدر من خلال انفعال وغضب يتحول لنقد وذم، مؤكدا ضرورة استبداله بأسلوب المديح، عبر امتداح السلوك المرغوب، والابتعاد عن أي شيء غير مرغوب فيه.
وإذا تفاقم الأمر، وفق خمش، فيجب على الأهل التروّي والتحدث بأسلوب عقلاني هادئ، وبدون انفعالات، رائيا أن "النقد الهدام يكثر لدى الطبقة الشعبية، لأن ظروف حياتها قاسية"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com