السبت، 5 مايو 2012

انفصال الخاطبين خوف مبكر من مشاكل الزواج




سوسن مكحل

عمان- يحدث أحيانا ان تمر فترة الخطوبة على شكل مغاير، وفي محاولة لتجاوز الصعوبات يظل الوضع سيئا في نظر البعض، فيفضلون الانفصال في مرحلة مبكرة خوفا من المستقبل بعد الزواج.
ومع ان الأصل ان تكون فترة الخطوبة هي المرحلة الحاسمة بين طرفين إما لإكمال أمور الزواج والارتباط او الانفصال، الا ان المجتمع يحمّل الانفصال بمرحلة الخطوبة آثاما وويلات لكلا الطرفين.
وتبعات فسخ الخطوبة آلام تتمثل في العادات والتقاليد وصعوبة افشاء امر الانفصال حتى لأقرب الناس ومنهم الاهل، أماني (25 عاما) الموظفة في إحدى المؤسسات الحكومية مرّت بتجربة مماثلة حين تقدم لخطبتها شاب يعيش في دول الخليج وتمت الخطوبة.
وتقول أماني " برغم أن أهلي قاموا بالسؤال عن الشاب، الا أنه من الصعب ان تعرف الشخص الا حين تعاشره، وفترة الخطوبة وضّحت لي الكثير من الأمور التي كذب بها خطيبي".
ومع ذلك حاولت أماني أن تجد مبررا لخطيبها، الا أن ما " زاد الطين بلة" وفق قولها، هو انه لا يعمل بالخليج ويعتاش على راتب شقيقته هناك، الامر الذي لم تتوقعه أماني، وقررت مصارحة الاهل بكل الامور التي اكتشفتها.
الانفصال أمر صعب كما توقعت، اذ لم يتقبل أهلها أن تنفصل عن خطيبها بتلك السهولة، واخبروها أن عليها أن تفكر مرة أخرى، وتعطي فرصة لخطيبها، حتى بات الأمر يشكل قلقا لأماني التي لم تعد ترتاح لفكرة الاستمرار.
وبعد مداولات مع الاهل قررت اماني ان تتحمل نتائج الانفصال بالخطبة، مبينة ان الخطوبة هي بالأصل ليتعرف الخطيب على خطيبته متسائلة "لماذا لا يزوج الاهل بناتهم مباشرة اذا كانوا لا يريدون أن يتعرضوا لمثل تلك المواقف؟".
فيما يذهب البعض وفق أم علي حسن الخمسينية أن تهمة فسخ الخطوبة تلصق بالرجل، خوفا من نظرة المجتمع التي قد تعتبر ان المشكلة بالفتاة على الدوام.
وهي تعتقد ان فترة الخطوبة هي الفترة المناسبة للانفصال، فهي تكشف عن شخصية وتوافق المخطوبين مع بعضهما، ويجب ان يحدث الانفصال اثناء الخطبة أفضل من الزواج.
في حين قامت خطيبة رامي (28 عاما) وبعد اتمام الخطوبة بستة شهور باخباره بانها لا تريد اكمال المسيرة، وأكدت له انها لا تشعر بانسجام فكري وذهني بينهما، الامر الذي شكل صدمة قوية للاهل.
عندما اخبر رامي اهله بأنه يفكر وخطيبته بالانفصال لعدم التوافق والانسجام، جن جنونهم، فكيف يتم الانفصال، مؤكدا انه لم يشأ اخبار عائلته ان خطيبته لم تعد تريد الارتباط والزواج به.
ويبرر رامي الامر بأن خطيبته حددت أسبابا قد تبدو معلومة واخرى مجهولة لعدم الارتباط والزواج، الا انه كثيرا ما يسأل خصوصا اذا ذهب ليتقدم لفتاة اخرى لماذا تم الانفصال بينكما بفترة الخطوبة، اضافة الى ان البعض لا يقبل به ظنا بأنه السبب في الانفصال.
معاناة رامي بالانفصال أثناء الخطوبة، سببت له الأرق النفسي والمعنوي، فهو شاب، كما يصف نفسه، محب للآخرين، الا أن الصدمة شكلت له حاجزا نفسيا بينه وبين اهله والمجتمع، الذي يضع اللوم عليه معظم الاوقات.
وعن تجربته يؤيد رامي الانفصال في فترة الخطوبة قبل الزواج، الا انه يتمنى ان يقبل المجتمع هذا الانفصال بشكل عرضي ولا يعلق الاخطاء على المخطوبين وانهما سيئان بالمطلق، واذا لم تحقق الألفة والتكاتف والتعاون بين الطرفين بناء عش الزوجية بأمان فعليهما الانفصال برأيه. بغض النظر عن النتائج السلبية من قبل الآخرين.
دكتورعلم الاجتماع المشارك في الجامعة الأردنية حسين خزاعي يرى ان فترة الخطوبة مهمة للطرفين للتعرف على بعضهما وعلى الخصوصيات، وهي مرحلة سابقة للزواج وتحدد الأسس الناجحة للزواج. ولا ضير من الانفصال اذا كانا لا يستطيعان تحديد الأسس المشتركة بينهما.
الا ان الخزاعي يلفت أن 41 % من حالات الطلاق في المملكة هي خلال فترة الخطوبة، وهي ناتجة لأسباب مجتمعية مختلفة، اهمها ان التوقعات عند كلا الطرفين عن بعضهما مغايرة للواقع الصحيح الذي يرغبه كل طرف.
أما بخصوص الأهل فيؤكد الخزاعي أن العائلات تتخوف من الانفصال بمرحلة الخطوبة خوفا من نظرة المجتمع، التي تحمّل الفتاة بالعموم السبب في فسخ الخطوبة، مما يعني بالنسبة لهم تشكيل صدمة للابنة، والخوف من عدم زواجها بالمستقبل.
وينصح الخزاعي الفتاة التي تقدم على الخطوبة ألا تستجعل في (عقد القران) الى جانب عدم السير وراء الاوهام والتوقعات غير الموجودة على ارض الواقع، بالإضافة إلى حسن الاختيار وفهم حقيقة الزواج سواء قبل اتمام الخطوبة وأثناء فترة الخطوبة التي تسبق الزواج.
اختصاصي الارشاد الأسري والتربوي د. محمد أبو السعود يبيّن أن الخطبة إن لم تكن مبنية على الأسس الصحيحة، ولا يوجد بين الخطيبين توافق فكري واجتماعي وشخصي، قد يؤدي الى وجود المشكلة.
واذا حدثت المشكلة هناك ألم في كيفية الانفصال، وان تكون مبررات الانفصال سليمة وواضحة، ويجب ان يدرس الطرفان نفسيهما خلال الخطوبة، واذا تم التيقن ان عملية الاستمرار صعبة، على الطرفين الانفصال بكل روية وتحمل نتائج الانفصال. والخسارة تكون أقل في الخطوبة من الزواج.
من جانبه يؤكد اختصاصي علم النفس د.خليل أبو زناد أن الانفصال خلال الخطوبة أمر محتوم اذا كانت هناك مشاكل، تؤدي الى مشاكل نفسية هائلة، منها الاكتئاب والقلق وفقدان التركيز.
ويعود الامر الى المشاكل التي يفرضها المجتمع ونظرته، وعلى الاهل ان يقفوا مع أبنائهم وخصوصا الفتاة، وأن الانفصال بالخطبة أفضل من الزواج والطلاق، وتفهم الامر من قبل الاهل قد يبعد الأثر النفسي السيئ الذي قد يتراكم على المنفصلين ويؤدي الى أمراض نفسية يصعب علاجها بالمستقبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com