الثلاثاء، 15 مايو 2012

دليل سياحي منذ 50 عاما ..يفخر بولادته في في مغارة بالبترا



صورة

زياد الطويسي - لم يمنعه تردي الحالة الصحية من مزاولة مهنة الدليل السياحي التي يعد من أقدم روادها في البتراء.
حبه للمدينة الوردية وعلاقته الحميمة بمعالمها الخالدة تلح عليه بضرورة مواصلة العطاء من أجل مدينته، فالبتراء بنظره «أغلى من كل شيء».
وإذا سألته عن أهم محطات حياته يجيبك: «أفتخر بأنني ولدت في إحدى مغر البتراء الأثرية.. وأفتخر بأنني فتحت عيني منذ الصغر على رؤية سحر المدينة ودهشتها.. واخترت مهنة الدليل السياحي لأكون سفيرا للمدينة أمام زوارها من شتى البقاع»..
بهذه الكلمات يتحدث هاني علي معمر النوافلة، الذي يعد أقدم دليل سياحي مزاول للمهنة حاليا في البتراء، حيث بدأ حياته العملية منذ (العام 1956)، فعمل دليلا في القدس والضفة الغربية مدة (3 سنوات) وانتقل للعمل في سوريا ولبنان بعد حرب 1967 ثمّ عاد للبتراء.
ورافق النوافلة خلال مدة عمله في المهنة التي تجاوزت أكثر من نصف قرن، آلاف السياح من زوار المدينة الوردية ومختلف المواقع السياحية في المملكة، من ضمنهم رؤساء دول وشخصيات سياسية وفنية عالمية.
وحول بداية عمله في المهنة يقول النوافلة: «بدأت عام 1956 بعد أن تعلمت اللغة الإنجليزية منذ صغري، وحينما زادت معرفتي بتاريخ المواقع الأثرية وأهميتها بعد ملازمتي لوالدي الذي كان يعمل مفتشا لآثار البتراء».
ويضيف: «كان عدد الادلاء السياحيين في المدينة آنذاك قليل ولا يتجاوز (10 أدلاء) وكنا نصطحب السياح من مخفر وادي موسى قبل أن تصل الطرق إلى المنطقة السياحية، وكانت أجرة الدليل حينها (40 قرشا)».
ويكمل: «ما يميز عمل الدليل في الماضي، أنه كان يلازم السائح يوما كاملا ويطلعه على كافة المواقع الأثرية في المدينة رغم قلة أعداد السياح، إلى جانب أن العملية السياحية كانت أكثر تنظيما من الوقت الحاضر».
ويعتبر النوافلة أن الدليل السياحي المميز والناجح هو الذي يعطي أكبر قدر من المعلومات حول المواقع السياحية وخصائص المملكة وعادات شعبها للسائح، مؤكدا أن الدليل السياحي هو السفير الحقيقي للأردن كونه من يعكس صورته أمام السياح.

تحديات المهنة كبيرة ..!
ويبين أن مهنة الدليل السياحي باتت تواجه في الوقت الحاضر تحديات كبيرة، تتمثل بكثرة أعداد الأدلاء وضعف المخرجات، داعيا وزارة السياحية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لتنظيم المهنة التي تعتبر مسؤولية كبيرة.
وللعلاقة الحميمة القائمة على إعطاء المعلومة الكافية والتعامل الحسن مع السائح أهمية كبرى في عمل الدليل وفقا للنوافلة، لأن هذه العلاقة هي التي تكسب السائح متعة زيارة أي موقع سياحي وتعطيه انطباعا مميزا عن الموقع ومجتمعه.
ويؤكد أن غالبية السياح من زوار المملكة يعتبرون أن مواقعها السياحية والأثرية في غاية الروعة والجمال، فالبترا ووادي رم وصحرائها أكثر ما يلفت نظر السائح.
وحول المتغيرات التي تطرأ على حركة السياح، يشير النوافلة إلى أن النشاط السياحي يرتبط بحالة الاستقرار السياسي في المنطقة، مبينا أن مختلف الحروب والأزمات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية تؤثر سلبا على حركة السياح، معتبرا أن عملية السلام من الخطوات التي أسهمت بإنعاش القطاع.
 أما المدينة الوردية التي ينتمي لها النوافلة والتي ارتبطت صورته بها حتى أصبح جزءا من معالم المكان، فيؤكد أن البتراء تحتاج إلى مزيد من الإجراءات للمحافظة عليها، فهي لا زالت تعاني من تدمير العامل البشري.
ويعتبر أن أعمال التخريب التي تتعرض لها المدينة يوما بعد يوم، تفوق أعمال الصيانة والترميم التي تجرى بها، مشيرا إلى أن هناك مناطق كانت في غاية الجمال غير أنها تعرضت للعبث والتدمير.
ويدعو النوافلة إلى ضرورة أن تقوم كافة الجهات المسؤولة بدور فاعل بالحفاظ على المدينة، ومنع السيارات بكافة أشكالها من دخولها لما تشكله من تهديد للإرث الحضري، ووقف كافة الاعتداءات التي تتعرض لها المواقع الأثرية فيها، مؤكدا أن هناك تقصيرا في حماية البترا.

الدليل يعكس صورة بلده 
وفيما يتعلق بواقع مهنة الدليل السياحي يقول النوافلة: «ان مهنة الدليل من أهم المهن، وحرصت على توجيه أربعة من أبنائي للعمل في المهنة وإعطائهم النصائح والتوجيهات التي تجعل منهم أدلاء سياحيين ناجحين».
ويطالب الجهات المسؤولة ضرورة أن تولي الدليل السياحي مزيدا من الاهتمام كونه من يعكس صورة الأردن المشرقة أمام زواره، وإلى أهمية اتخاذ الإجراءات التي ترتقي بالمهنة وواقع الأدلاء، حيث يعانون عدم الاستقرار المعيشي بسبب الاعتماد على موسمية السياحة.
ويشير إلى أن الدليل السياحي لم يلق الدعم الكافي حتى الآن، ففي الوقت الذي تكرم فيه الجهات الرسمية مختلف الفعاليات، فإن الدليل السياحي لم يتلق التكريم الذي يوفيه حقه كصاحب رسالة سامية مرتبطة بأهمية الأردن التاريخية والأثرية. وعلى شرفات مدينة العرب الوردية، يقف النوافلة في ختام حديثه إلى «أبواب الرأي» برفقة مجموعة سياحية وهو يؤكد «أن مسؤولية النهوض بالبتراء بوابة الأردن الحضارية واجب ومسؤولية كل فرد في هذا الوطن»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com