الأحد، 4 مارس 2012

"أنا كبرت": سوداوية لأشخاص بعمر الورد


ديما محبوبه

عمان - لا تستطيع سمر الأسمر كبح نفسها عن البكاء والتأفف، ووجهها بات يسيطر عليه الحزن الشديد إذ تشعر بأنها تعدت العشرين عاما من عمرها، وباتت فجأة في عمر الخمسين.
كل ما تشعر به الأسمر يكون فجأة في بداية مشكلة تواجهها، فتكتئب وتشعر بأن الكثير مر في حياتها وهي اليوم ملت ولم تعد تحتمل أكثر من ذلك.
أما في حالة أخرى فتقول الخمسينية أم محمد "تفاجأت وأصبت بالصدمة عند سماع حفيدتي والتي بلغت تسعة أعوام حديثا وهي تقول انا حاسة حالي ختيارة ونفسيتي سيئة".
وتكمل "كيف لهذه الفتاة التي لم تشاهد شيئا من حياتها بعد أن تصف نفسها بأنها كبرت و"خَتيرت" فإن أكبر همها لو تعاظم يكون بإكمال واجبها الدراسي لا أكثر".
ولأن هناك الكثير من الحالات التي تصف ذاتها بالكبر وبأنهم يشعرون بأنهم "عواجيز"، وقلبهم ململ من شدة متاعب الحياة ومصائبها فيعود ذلك وفق اختصاصي علم الاجتماع ومدير مركز الثريا للدراسات د. محمد جريبيع إلى أن طبيعة الحياة التي نعيشها باتت استهلاكية، وهي حياة تداهم الشخص من كل حدب وصوب.
وبالإضافة إلى أن الأخبار التي يستمع إليها الشخص في كل لحظة هي أخبار سيئة ولا تفرح أحدا، ما جعل الفرد يعتقد بأنه يعيش بصراع على البقاء في الحياة.
ويؤكد جريبيع بأن حاجة الفرد لما يسمى بالأمن والأمان كبيرة جدا، ولأنها لا توجد ولا تتوفر دائما فإنها تترك الضلالية للمستقبل، ما يشعر الكثير بأنهم مضغوطون ويبحثون عن الطرق الدائمة لتلبية احتياجاتهم والشعور بالتوتر والقلق ودائما يتمسك الشخص بكلمة "أنا ما عندي قدرة على التحمل انا انتهيت أنا حاس حالي منهك وختيار".
ويشدد بأن الكلمات السابقة ما هي إلا كلمات ضعف عليها أن لا تكون موجودة وخصوصا في مرحلة الشباب وعلى الشخص أن يرفضها من داخله تماما؛ لأن الحياة مع هذه الحالة يعني الدخول في الاكتئاب ولو بعد حين فضلا عن الشعور بالوحدة.
والحل برأي جريبيع في القدرة على التغلب على هذه المشاعر السلبية، وعلى الشخص أيضا ان يقوي ذاته من الداخل، والابتعاد عن النطق بأن الحياة ما هي إلا واقع ونعيشه فيتأرجح الشخص بين واقعه وسقف توقعاته الكبير، ولذلك على الشخص أن يفهم الواقع وعليه أن يجعلها تحديات وليست عقبات أو معوقات، لأن في الأولى يعني التجاوز والتنافس والثانية الخضوع والخنوع.
وبالاتفاق مع ما ذكر الدكتور جريبيع، يبين الخبير في علم الطاقة حسام قطب أن بعض الكلمات التي تكرر وليس فقط ممن هم في عمر العشرين، بل هناك من لم يتجاوز العشرة أعوام مثل "أنا كبرت، أنا ختيرت، أنا بطلت قادر على الحياة، انا استنفدت كل قواي ما عاد فيه أتحمل".
ويشرح قطب بأن من يتكلم بهذه الطريقة ينقسم إلى أن منهم من هو مقلد لهذه الكلمات، فمثلا يسمعوها من ذويهم أوأجدادهم ولا يعرفون تماما ما معناها، ومنهم من يفكر بسلبية ما يجعلهم غير قادرين على تحمل المزيد من السلبية.
وهناك، وفق قطب، من يعاني من ضغوطات حياتية وهموم فبالفعل هم شاهدوا وعاشوا الكثير من الأحداث ما جعلهم يظنون أنهم كبروا بما فيه الكفاية فشاهدوا الكثير.
وينصح قطب أن على الشخص أن يفكر دائما بتفاؤل فهو من يكسب أخيرا صحته وفكره وحياته بسعادة مع من يحب، وهناك بالمقابل أناس يفكرون بتفاؤلية ويشعرون أنهم في عز شبابهم رغم كبر عمرهم الحقيقي.
ومن الجانب النفسي يؤكد اختصاصي علم النفس د. أحمد الشيخ بأنه من المعروف بالأعراض المتربطة بالحزن والاكتئاب والمشاعر والأفكار السوداوية بأن جميعها تخدم الشخص الذي يفكر بهذه الطريقة ومعتاد على هذا الكلام.
فمنهم من ينعتون أنفسهم بأنهم بلا حظ، وآخرون بالفعل من يتخذ لذاته سلوكا اجتماعيا فلا يريد الحديث مع أحد.
ويقول الشيخ "بأن مشاعر الحزن الشديد ترتبط بهدم العزيمة وثقلها، فيشعر الجسم بثقل العزيمة والجسم يطاله الاكتئاب والضعف والتعب المستمر".
ومنهم من يشعرون بالرغبة في النوم وعدم الرغبة في عمل أقل الأشياء، فيصبح الجسم خادما لمشاعر الحزن والسوداوية ويحدث اختلال في هرمونات الجسم وتخدمه في الأفكار التحطمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com