السبت، 3 مارس 2012

ركاب يقابلون إساءات سائقي تاكسيات بالصمت خشية "الفضيحة"


مروة العقاد
عمان - لا غِنى لنا عن ملائكة الرحمة في المشافي، كما لا غنى لنا عنهُم في الشوارع، إلاّ أنّهُم في الشوارع مُختلفون، فهُم سائقو التاكسي، الذين تتعطل بغيابهم تحركات فئة كبيرة من المجتمع، لكنّهُم في أحيانٍ كثيرةٍ يتحوّلون من نعمة إلى نقمة! بحسب شريحةٍ واسعةٍ من ركاب التاكسيات.
ويؤكد ركاب أنّهم، ورغم حاجتهم الشديدة لهذا النّوع من المَركبات، وتقديرهم للمُهمّة الشّاقة التي يقوم بها سائقو التاكسي، إلا أنّهم يتمنَّوْنَ في بعض الأحيان مقاطعتَهُم، أو تجنُّب التعامُل معهُم إلاّ للضرورة القُصوى.
العشرينية سناء تقول "أشعُرُ بالضيق كلما تعاملتُ مع أحدهم"، مضيفةً "يختلفُ سائقو التاكسي في طريقةِ إزعاجهم؛ من ثرثارٍ، إلى مُتذمّرٍ من طريقٍ، فمُتطفّلٍ في حديثٍ، فمُريبٍ في نظراته، وقد ينتهي الأمر إلى معاكساتٍ تختلفُ في حجمها من سائقٍ لآخر".
الثلاثينية ناهد واجهت سائقاً مُريباً في نظراته، فمنذ أرشدته على العنوان الذي ترغب الوصول إليه، وهو لا يكُفّ عن التحديق بها من خلال المرآة، بل وصل به الحد إلى التغزّل بها، وسؤالها عن حالتها الاجتماعية، وطلب رَقم هاتفها، فلَمْ يكُن منها سوى إيقافه في منتصف الطريق، والخروج من السيارة.
أمّا مجد (19 عاماً)، فتقول "أتجنّبُ اللجوءَ إلى التاكسيات حين يكونُ العنوان الذي أُريده بعيداً، فالمسافات الطويلة ترفعُ من جُرأة السائق، بخاصّة إذا كانت الطُرق التي سيسلُكُها بعيدة عن الأعيُن".
ومجد مُستعدةٌ لتحمل نظرات سائق، أو لسماع كلمات غزلٍ منه، لكنّها غيرُ مُستعدة لتلويثِ سمعِها بوابل من الألفاظ البذيئة، التي لا تفارق ألسنة بعضهم، وفق ما تؤكده ريهام (25 عاماً)، حيثُ تقول "كثيراً ما أُصادف سائقين مُتذمرين من كل ما حولهم، ولعلّهُم على حق في تذمرهم، لكنّي أشعُر بالضيق حين يتجاهل السائق وجودي، فيُغرق مَن حولهُ بكلماتٍ لا علاقة لها بالأخلاق! فينتابُني القرف ممّا أسمع، والخوف من مُشكلةٍ قد تنشأ بين السّائق ومن حوله".     
باختصار، هي مجموعةٌ من المُضايقات الصّامتة التي يتعرضُ لها كِلا الجنسين، على حدّ سّواء، ويتم السكوت عنها بسبب الجَهل بطريقة الشكوى، أو الخوف من توجيه الشكوى بشكلٍ عكسي، بخاصّة فيما يتعلق بالمعاكسات التي يُلقيها سائقون على الفتيات والسّيدات اللاتي يلجأن إليهم.
ويُعلّق على ذلك اختصاصي علم النّفس الدكتور محمد حباشنة بقوله "الصمتُ في حال التّعرُض لإساءة من قبل سائقي التاكسي، أو غيرهم، أمرٌ سَلبي، وهو السبب الرئيسي لاستمرار المُضايقات، بل وازديادها".
ويؤكد حباشنة ضرورة السّير في إجراءاتٍ أمنيةٍ مُحترمة وبسيطة، كي يلجأ إليها المُتعرض لإساءة، بدون خجلٍ أو خوفٍ من مُماطلةٍ مُحتملة، أو فضيحةٍ مُتوقعة.
بدوره، يؤكدُ نقيبُ أصحاب سيّارات العُمومي أحمد أبو حيدر، دور النّقابة بالتوعية اليومية التي تُقدمُها للسائقين، واستمرارية تواصلها مع نقابة السوّاقين، للخروج بمُقترحاتٍ تُحسّن من هذه المِهنة.
ويقول "بشكلٍ عام لا تصلُنا شكاوى أخلاقية على سائقي التاكسي، وإنّما على الأغلب، تكون بسبب رفضهم التنقل من منطقة إلى أخرى، لكن في حال تلقينا إحداها، فإننا نقوم بتحويلها إلى الأمن العام، ليُنظَر فيها".
وقابَلت "الغد" عدداً من راكبي التاكسي، فوجدت لديهِم مجموعة مقترحاتٍ قد تساهم بخلقِ نوعٍ من التناغُم والاحترام بين الطرفَين، كان منها؛ ضرورة توفير السائق لأجزاء النقود الصغيرة، حتى يتم الالتزام بالعدّاد بدون زيادةٍ أو نُقصان، فهذا أمرٌ لطالما أزعج الركاب، وكذلك إضافة رقم لتلقي الشكاوى، إلى لائحة المعلومات الخاصّة بالسائق، وإلزامِه بإظهارها بشكل واضح، حتى يتمكن الركاب من التبليغ عن أي مُضايقةٍ قد يتعرّضون لها. 
كما اقترح أحدهُم وضع حاجز بين السائق والراكب، ومنع الجلوس إلى جانِب السّائق، حتى يكون كل منهما في "عالمِه الخاص"، فلا يقتحم أحدهُما سكون الآخر.
واتّفقَ كل من حباشنة وأبو حيدر، على أنّ سائقي التاكسي هم "واجهة البلد"، وعليهم أن يعرفوا كيف يمثلون بلدهُم بشكلٍ صحيح، فلا يأتون بأفعالٍ تسيءُ لهُم، أو تُنفّر منهم. كما أكّدا أنّ مركبة التاكسي تُعَدُّ ملكيةً لحظيّةً لِمن يطلبها، بهدف التنقل من منطقة إلى أخرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com