الثلاثاء، 6 مارس 2012

ثقوب الموضة والفقر

صورة

كريمان الكيالي - لم يقصد بها المتاجرة بعذابات المعوزين أو المساواة بين غني وفقير، وباقتراض حسن النوايا ، على الأغلب البساطة وحدها وراء اختيار مصصمي الأزياء لإضافات أنيقة وجريئة للملابس من الثقوب والرقع المفتعلة.
فبعد ارتباطها بفقر مدقع ، انتقلت لرفاهية مترفة وأصبحت ثيابا مثقوبة ، ممزقة أوبهت لونها «كاحته « ، تبتعد عن ترف في المظهر فيما ثمنها هوالبذخ بعينه ، موضة قلبت الأذواق والموازين خاصة بكل ما يتعلق بملابس الجينز التي تستهوي الشباب .
ويتساءل بعض من عانوا طويلا من ثقوب الفقر..لو كان هؤلاء المصممين أطلقوا هذه الصرعة عندما كنا صغارا ، ولو كانت البنطلونات الممزقة والجاكيتات المرقعة موضة ،عندما كنا طلابا في المدارس والجامعات، لبقينا مدينبن لهم طول العمرعلى الاقل بنظرة سوية لهذه «الثقوب» التي طالما كانت عنوانا صارخا للعوز،واختصرت زيارات لم تكن تنتهي للرثايين لرأب صدع أنواع مختلفة في الشكل والحجم منها في ملابسنا.
بعيدا عن الموضة ، ثمة حكايات نسجتها ثقوب الفقر..يقول المتقاعد « امجد 62عاما» .. للثقوب وقع مختلف في حياتي ، أكرهها بشدة بسبب ما حدث لي ذات يوم ، كنت في الخامس الابتدائي ، حين بادرت بمسح اللوح في الصف ، ونظرا لقصر قامتي ، خلعت الحذاء ووقفت على كرسي المعلم ، ليفاجأني زملائي بعاصفة من الضحك ، لم يخطر ببالي حينها أن وراء كل هذا ثقوب عديدة في جوربي ، فقد كنت نسيت أمر هذا الجورب المثقوب تماما ، لأنني كنت دائما أرتديه ولم يكن لدي غيره ، لكن زميلي في المقعد تبرع بالكشف عن السبب وهو يضحك، من يومها عزفت عن ارتداء ذلك الجورب اللعين ، وبرغم البرد الشديد كنت أنتعل حذائي بدونه ، لأرغم أسرتي على شراء جورب جديد ، لم يكن ثمنه يتعدى بضعة قروش. 
 يضيف»امجد»: مضى على هذه الحادثة زمنا طويلا ، ولاتزال تفاصيلها باقية في ذكريات طفولة ولت ، ربما لم يتبقى منها سوى ذكرى تلك الثقوب التي أراها هذه الأيام مصدر بهجة في ملابس أحفادي .
وتقول ربة أسرة «فايزة 47عاما «.. باعتقادي كنت أبرع من انتصر على هذه الثقوب، فكثير منها كان لايفيد فيه «التقطيب» لذا كنت أبتكر رقعا مختلفة لثيابي ، حيث كنا لا نملك أجرة الرثي ، لهذا رفضت ان تكون هذه الثقوب في ملابس أطفالي حتى وان كانت باسم الموضة ، ألا يكفينا ما عانيناه في صغرنا بسببها ، رغما عنا كنا نذهب إلى المدرسة بملابس مثقوبة أو مهترئة من جهة الكوع والركبتين على الأغلب.
 لأن الممزق والمثقوب والمرقع من الثياب لم يعد يرتبط بالعوز، بل بالموضة ، فإن نسبة كبيرة من الشباب يفضلها فهي اكثر بساطة وانسجاما مع مظهر»مودرن» يقول « يزن 23عاما» أتحمس لهذا النوع من الموضة ، فهو يمنح من يرتديه مظهرا جميلا وعصريا، لذا لا اتردد في شراء بنطلون ممزق عند ركبيته مثلا او جاكيت مرقعا من عند الكوع برغم اعتراضات الوالدين .
 يوافقه في ذلك « قيس 19عاما» ويقول: أبي يرفض بشدة أن أشتري أي من هذه الملابس المثقوبة، لكني اتحمس كثيرا لارتدائها ، اقوم بعمل ثقوب في كل بنطلون قديم لدي ليصبح ع»الموضة « ، ولا أشعر بالحرج اطلاقا من ارتداء مثل هذه الملابس التي تتميز بالبساطة.
لكن « نرمين 27عاما» ترفض هذه الثقوب وتقول :» ما معنى أن أدفع ثمن بنطلون ممزق أو مهترىء، أو حتى باهت اللون قبل اوانه ، أحب الموضة بالطبع لكن بعيدا عن كل هذه الصرعات المجنونة « .!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com