السبت، 18 فبراير 2012

أطباء يصدمون مرضاهم لحظة التشخيص



منى أبوحمور
عمان- بمرارة وغصة كبيرتين، واجهت الثلاثينية دعاء خير، خبر إصابة ابنها البالغ من العمر أربع سنوات بالسرطان، الأمر الذي نزل على مسامعها كالصاعقة، فلم تجد سوى الدموع وهي تسمع الطبيب الذي أفصح لها عن الإصابة.
وقفت الكلمات في حلقها، ولم تعرف ما تتصرف، وتجمدت العروق في دمها، فما كان منها سوى أن تلتفت إلى زوجها، لعله ينفي ما فهمته، وتسأله "هل ما سمعته صحيحا؟".
"لم تكن الطريقة التي اخبرني فيها الطبيب عن مرض ابني مناسبة، فقد أتلفت أعصابي وقضت علي حتى أنني لم استطع الحراك وقتها" وفق تعبير دعاء، التي تقول إن الطبيب قال:"العوض بسلامتك، ابنك معه سرطان" وبعدها أدار ظهره وذهب، وبين يديه صورة الأشعة، وفق وصف دعاء التي تقول "اللحظة التي بلغني بها الطبيب مرض ابني وكأنه نعى لي وفاته".
وإذا كانت (دعاء) قد تحملت تلك الصدمة، فإن الأربعينية ماجدة الخطيب، انهارت عندما أخبرها الطبيب عن إصابتها بالضغط ملحقا ذلك الخبر بقوله "حرام انت صغيرة وما بصير يكون عندك ضغط"، الأمر الذي أشعرها وكأن نهايتها قريبة.
وتقول "على الرغم من أن الضغط والسكري، من أمراض العصر، إلا أن الطبيب أشعرني بأن وضعي صعب"، منوهة إلى أن نظرات الطبيب واستنكاره لنتائج الفحوصات "جعلتني أشك بأنني قاربت على الموت".
بيد أن حال الأربعينية جميلة السعدي، كان أكثر سوءا عندما أبلغها الطبيب، ومن أول زيارة له بأنها تعاني من وجود أورام سرطانية في الرحم، ولابد من استئصاله فورا.
فأصبحت جميلة تتخبط هنا وهناك، تستذكر أبناءها وبناتها تارة وتفكر بذلك المستقبل المجهول الذي ينتظرها وهي تمشي في الشارع على قدميها، خشية أن تصل المنزل بسرعة.
وما زاد الطين بلة، ذلك الخوف الذي سيطر على حياتها، فلم تعد تفكر سوى بالموت، ومن سيربي أبناءها بعدها وكأن الطب توقف عند تشخيص حالتها، وباتت حالتها الصحية تتدهور شيئا فشيئا.
اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة، يؤكد أن وجود معلومة خطيرة، غير دقيقة وحساسة، لها تأثيرها على النواحي النفسية والجسدية، ما يعرض المريض لما يسمى بالخوف المرضي المزمن.
ويلفت الحباشنة إلى وجود هذه الحالات بكثرة، عازيا ذلك إلى أن الطب بطبيعته سريع ولا يعطي للمريض الوقت الكافي لاستيعاب الوضع وتقبل المرض.
ويوضح أن الطب النفسي، يرتبط بفروع الطب الأخرى، إلا أن هذه الحقيقة لم يتم تفعيلها، مؤكدا على ضرورة أن يكون الطبيب النفسي هو الذي  يبلغ المريض أو على الأقل أخذ رأيه واستشارته.
ولا يخفي استشاري الطب الباطني والغدد الصماء محمد النسعة، أهمية أن يقوم الطبيب بمصارحة المريض، بأخبار في غاية السوء، وهي من مهمات الطبيب، التي لا بد له من ممارستها بين الوقت والآخر.
ويقول النسعة "إن اخبار المريض بأنه مصاب بمرض خطير، يحتاج إلى مهارة من قبل الطبيب، بكيفية إبلاغ المريض بمرضه"، مشيرا إلى تعريفه بوضعه الصحي بشكل تدريجي وبلطف حتى تصل المعلومة كاملة للمريض حول طبيعة مرضه.
ويؤكد على أهمية تعرف المريض على كل شيء عن المرض وخيارات المريض في العلاج وفرصه بالشفاء، ومحاولة تبسيط الأمر للمريض وإن كان صعبا.  يختلف تقبل فكرة الإصابة بالمرض من شخص إلى آخر، بحسب النسعة، الذي يجد أنه لا بد للطبيب من الحديث ببطء ووضوح حتى يستطيع المريض استيعاب فكرة إصابته بالمرض، ويجب على الطبيب أن يعد المريض لتلقي الخبر أفضل من أن تقول بشكل مباشر للمريض.
ويؤكد على الطبيب مراعاة أن لا يظهر مشاعره للمريض، فالبعض يشعر بالذنب والحزن لتبليغ المريض بخبر سيئ، ولكن يجب عليه التعامل مع هذه المشاعر قبل الاجتماع بالمريض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com