الأربعاء، 15 فبراير 2012

فوضى الأحفاد تثير غضب الأجداد

منى أبو حمور

عمان- يشعر الأربعيني محمد يوسف، بالضيق أحيانا، عند زيارته إلى بيت أهله، الذين يتذمرون من تصرفات أحفادهم، فيحس بأنه يثقل عليهم لما يسببه أبناؤه من فوضى يمارسونها.
ويقع يوسف بإحراجات عندما يصطحب أطفاله الخمسة إلى بيت أهله، خصوصا في بعض المناسبات التي يتواجد فيها أشخاص غرباء، فيستغربون تلك التصرفات التي تصيب البيت بالإرباك والضجيج.
ووصل الأمر بالثلاثينية مها العزام، إلى الشعور بالغضب من تصرفات والدتها، "التي طلبت مني عدم إحضار أبنائي على الوليمة، التي يقيمها والدي لأصدقائه، واعتبرت مثل هذا الطلب إهانة لها، وكأنه موقف شخصي اتجاه أبنائي" وفق ما تعبر.
وتقول "أي انتقاد موجه لأبنائي أعتبره، موجها لي ولأسلوبي في التربية"، مستغربة أن تطلب منها والدتها ترك أبنائها في المنزل، في حين تذهب هي لقضاء وقت ممتع مع أهلها.
غير أن هناك بعض المناسبات تستدعي حضور أعداد محدودة من الأشخاص وابتعاد الأطفال عنها، وفق أخصائي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان، الذي يؤكد في الوقت ذاته ضرورة التواصل بين أبناء الأسرة الواحدة في الأسر الممتدة، وأن يكون الأبناء على تواصل مع أجدادهم، لزيادة المحبة فيما بينهم، خصوصا وأن الصغير بحاجة إلى التربية، والعطف والحنان من قبل الأهل والأجداد.
ومع تأكيد الخمسينية نورا الحلبي، على محبتها الكبيرة لأحفادها، والتي تفوق محبتها لأبنائها، إلا أنها تعتبر أن تواجد الأطفال في بعض المناسبات الخاصة يسبب الحرج للأهل، خصوصا عند وجود عدد كبير من الأطفال.
ويذهب سرحان، إلى أن الكبار بالسن بطبيعتهم يحبون التواصل مع أحفادهم من حيث مبدأ، "ما أعز من الولد غير ولد الولد"، مبينا أن هذا دليل على حب الأجداد لأحفادهم، وبنفس الوقت هناك حاجة للأجداد إلى البر والتعاطف عند تقدمهم بالعمر، وهذا ما يحث عليه الدين الإسلامي والأخلاق الحميدة.
ولا يجد سرحان ضيرا في بعض المناسبات التي يستضيف بها الأجداد أقاربهم أو ضيوفا، أن يراعي الأبناء والبنات هذه الظروف، "إذ لا يعني ذلك أن الأجداد لا يرغبون برؤية أحفادهم وإنما هي ظروف خاصة تستوجب التصرف بها وفقا للظروف" حسب ما يقول سرحان.
وتؤكد الخمسينية الحلبي أن تواجد عدد كبير من الأطفال، يتطلب جهدا مضاعفا، حيث تقف العائلة حائرة، بين الاهتمام بالضيوف من جانب، والسيطرة على الأطفال من جانب آخر.
وتقول "أفرح كثيرا عند رؤية أحفادي، ولكن أصواتهم تسبب لي الضجر أحيانا"، مبينة أن "العمر يلعب دوره أحيانا".
وتستغرب غضب الأبناء والبنات من أهلهم في مثل هذه الظروف، وحساسيتهم المفرطة، إذ عليهم أن يتفهموا الأوضاع، مؤكدة أنه "لا يمكن للأهل أن يكرهوا أحفادهم الذين هم ثمرة أبنائهم الأعزاء".
ويدعو سرحان الأبناء إلى تفهم هذه الظروف، وعدم إشعار الأجداد بالضيق والحرج والتذمر، بل ينبغي لهم أن يتعاونوا معهم لإيجاد أماكن مناسبة لاجتماع الأبناء الصغار، في هذه الفترة المحددة كبقائهم في بيت أحد الإخوة، أو الأخوات مع شخص كبير يهتم بهم، وبذلك يكونون قد حققوا الرغبة الآنية للأجداد بتوفير أجواء مناسبة في فترات محددة.
ويلفت اختصاصي علم النفس الدكتور أحمد الشيخ، إلى أن الكبار يواجهون آثارا نفسية عند اجتماع الأحفاد في بيت العائلة، مبينا أن قدرة الآباء على ضبط سلوكياتهم، والسيطرة على هدوء وتصرفات أبنائهم، ستلعب دورا مهما في تخفيف الفوضى.
وعدم قيام الأهل بذلك يجعل الأجداد يقومون بتلك المهمة، الأمر الذي يسبب لهم الضيق والإزعاج ويزيد من الضغط الواقع عليهم، وفق الشيخ.
ويؤكد الشيخ دور الأبناء، الذين تقع عليهم المسؤولية اتجاه أطفالهم، وعليهم أيضا التعامل مع الانتقاد الموجّه من قبل الأجداد بإيجابية، سيما وأن من واجب الأبناء توفير الراحة لآبائهم، خصوصا عندما يتصرف الأطفال بدون رقيب أو حسيب، فيما ينشغل بعض الأهل بتبادل أطراف الحديث.
ولكنه يجد أن هناك إزعاجا محببا لكبار السن، وبالذات عند زيارة الأبناء وأطفالهم للأبوين في المناسبات الاجتماعية مثل الأعياد، التي يجتمع فيها أكثر من أخ أو أخت، مما يعني وجود عدد كبير من الأطفال. 
ولأن طبيعة الشخص المسنّ تميل إلى الهدوء أكثر، فإن على الأبناء أن تكون لديهم القدرة على التحمل، فيما لو بدر من الأهل أي نوع من الكلام اتجاه الأطفال، وفق سرحان الذي يبين أنه لا يجب أن يُفهم ذلك على أنه إساءة لهم.
ويعتبر أن تخصيص غرفة في مثل هذه الظروف يجتمع فيها الأحفاد، بعيدا عن الكبار، هو حل جيد، لتلاشي أي توترات أو إزعاجات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com