السبت، 18 فبراير 2012

"نوما هنيئا لأطفالكم" تزعج أولياء الأمور



منى أبوحمور
عمان-"نوما هنيئا لأطفالكم"، عبارة قد تثير الخلافات بين الأقارب والأصدقاء عند دعوتهم إلى حفل زواج، من أعز الناس، فيقعون في حيرة بين تلبية الدعوة وترك أطفالهم في مهب الريح، أو الاعتذار عن عدم حضور الحفل ولو كلف ذلك تباعدا بين المحبين. 
وفي حال حدثت الخلافات، تكثر التبريرات، بأن اللجوء إلى هذا الاسلوب لم يكن لإحداث أي انقسام أو تباعد، "فالفرحة لا تكتمل إلا بتواجد الأحبة"، ولكن آمال العرسان والأهل، أن يحظوا بحفل منظم وجميل طالما تمنوه، وفي بعض الأحيان رغبة في تقليل التكاليف بأكبر قدر ممكن من خلال اختصار المقاعد المحجوزة.
فالثلاثينية ريم البنا، وقعت في حيرة من أمرها، عندما جاءتها بطاقة دعوة خاصة من صديقتها المقربة، وكتب عليها عبارة "نوما هنيئا لأطفالكم"، وشعرت وقتها أنها بين نارين، إما حضور حفل زفاف صديقتها، أو ترك اطفالها الصغار وحدهم في المنزل.
وتقر البنا بأن حضور الأطفال أمر مرهق بعض الشيء في الحفلات، ولكن بنفس الوقت من الصعب تركهم وحدهم في المنزل، فهذا أمر لا يمكن تصوره، ويدعو إلى القهر.
ولا يجد العشريني علاء البيطار، ضيرا من كتابة مثل هذه العبارة، على بطاقات الدعوة، مبينا أنه لجأ اليها هو وخطيبته، للتقليل قدر الإمكان من أي فوضى قد تكدر عليهم فرحة هذا اليوم.
ويبرر (علاء)، أن الأمر لا يتعلق بالتكلفة المادية فحسب، بل أن يوم الزفاف "حلم مشترك لي ولخطيبتي ولن نسمح للأطفال بإفساده، رغم حبي لهم، لأن وجودهم قد يحدث ارباكا كبيرا في الحفل، كما أن لهم فضولهم في اللهو ولمس كل شيء أمامهم ما قد يفسد علي ليلتي".
واستقبل الأربعيني جلال المساعيد، تلك العبارة التي كتبت على بطاقة حفل زفاف ابنة أخيه، بغضب شديد، واعتبرها إهانة مقصودة من قبل أهل العريس، مبينا أن منع حضور الأطفال بطريقة غير مباشرة، هي رغبة بعدم مجيء أهلهم أيضا، ما جعل الموضوع يتصاعد بينه وبين بيت أخيه، وأسفر الأمر عن امتناعه عن  حضور الحفل فضلا عن مقاطعة بيت أخيه.
"الأطفال أحباب الله" بحسب ما يردد جلال، رافضا حتى تقبل مبررات أهل العريس بضيق الأحوال المادية، بقوله "اللي ما معه ما بيلزمه".
الإنسان بطبعه اجتماعي ومن الضروري أن يكون على تواصل مع الآخرين، لاسيما في المناسبات الاجتماعية، وفق اختصاصي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان الذي يرى أن الإنسان الناجح هو الأكثر قدرة على التواصل، فعلى الرغم من أنه حاجة إنسانية، فهو مشاركة للناس في أفراحهم وأتراحهم، وهي سنة حسنة دعت إليها أخلاقنا الحميدة.
ويلفت أن أي شخص معرض لإقامة حفل أو يحتفل بمناسبة، ويضطر في كثير من الأحيان إلى تحديد عدد المدعوين، فهذا يعتمد على قدرته المادية، إلى جانب سعة المكان وطبيعته، مؤكدا أن هناك بعض المناسبات الاجتماعية تحتاج إلى أجواء هادئة، إذ إن فضول الأطفال يسبب بعض المتاعب لمنظمي الحفل والداعين، نظرا إلى كثرة الحركة لديهم، خصوصا وأن بعض الأسر لديها أكثر من طفل ما يعني بالضرورة تضاعف أعداد المدعوين.
"نوما هنيئا لأطفالكم" عملية تنظيرية، بحسب سرحان الذي يرى أن بعض الأسر تلجأ إليها في المناسبات، من باب أن حضور الأطفال "عامل مزعج للآخرين"، خصوصا وأنهم بحاجة إلى رعاية واهتمام مستمرين داخل الحفل.
ويجد سرحان، انه غالبا ما يشعر بعض الأهل بالضيق، لعدم قدرتهم على تلبية الدعوة، إذا لم يكن بإمكانهم اصطحاب أطفالهم، سيما عندما لا يكون هناك أخ أو أخت كبيرة تستطيع رعاية الأطفال خلال فترة غياب الأبوين للمشاركة في المناسبة.
ويصف تلك الأجواء، حيث يتجاذب الأهل رغبة مشاركة الآخرين وتلبية الواجب الاجتماعي، وفي الطرف الآخر فإن القلق يظهر على أبنائهم في حال تركهم فرادى في المنزل، "وهذا في كل الأحوال أمر غير مطلوب، سيما عند سماعنا عن الحوادث التي تحدث للأطفال الذين يتم تركهم فرادى في المنزل" حسب سرحان.
ويمكن معالجة الوضع وفق سرحان، من خلال وجود أماكن خاصة للأطفال، مرفقة بقاعات الاحتفالات وبتكلفة زهيدة، بحيث يتمكن الأبوان من المشاركة في المناسبات الاجتماعية، للاطمئنان على الأطفال أكثر.
ويؤكد (شاهين) أحد منظمي الحفلات في إحدى الشركات، على الإقبال الكبير على كتابة عبارة "نوما هنيئا لأطفالكم"، منوها إلى أنه من النادر ان لا يطلب الزبون كتابتها، خاصة وأن الحفلات التي تقيمها الشركة في فنادق خمس نجوم.
ويقول "في بعض الأحيان لا يرغب الزبون بكتابة هذه العبارة، لأن معازيمه لا يوجد لديهم أطفال لذا لاداعي لكتابتها".
ويفسر اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة، وجود مثل هذه العبارات، بقوله "إن غالبية الأفراح التي تقام في مكان مرتفع الثمن مثل الفنادق، ترافقت  فيها العادة أن يكون فيها طابع معين، يتمنى العروسان أن يكون بشكل راق، حيث تقام بشكل استعراضي وهو من حق العروسين".
ويصف الحباشنة ذلك بأنه أصبح نمطا عاما لا يمكن إنكاره، وجزءا من الأعراف الاجتماعية، مؤكدا أن وجود الأطفال يربك كثيرا من هذه الأجواء، "إذ تفقد الأجواء التنظيمية رونقها، فالأطفال لا يمكن السيطرة عليهم في أغلب الاحيان".
ويشير إلى أن تلقي بطاقة ليس بالأمر المهين أو المزعج بل هو حق لأصحاب الحفل، مضيفا أن كثيرا من الناس التي لا تسمح ظروفهم في الذهاب، يبقون في المنزل، إلى جانب أطفالهم، في حين لا يأخذ آخرون العبارة على محمل الجد، ويأخذون أطفالهم الأمر الذي يوقع أصحاب الفرح بالحرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com