الاثنين، 13 فبراير 2012

أهل يرفضون الطلاق.. وابنة تستكين للذل

مجد جابر

عمان- ما بين الحياة المليئة بالقهر والألم وفقدان الاحترام في بيت الزوجية؛ وأهل متعنتين بآرائهم وأفكارهم واعتقاداتهم غير المنصفة؛ تتضاعف مأساة الثلاثينية حنان التي تتساءل: هل أحتمل البقاء مع زوج يهينني ويعنّفني ولا يحترم وجودي، لأن عائلتي ترفض فكرة الطلاق بشكل قاطع؟
حنان تقف الآن في حيرة من أمرها، خصوصا بعد أن تفاقمت المشاكل مع زوجها الذي لا يكف عن شتمها وضربها وتوجيه أشد الإهانات لها، فهي لم تعد قادرة على العيش معه، وفكرت كثيرا بأن يكون طلاقها هو الحل، وفي الوقت ذاته لا تدري إن كان هذا القرار صحيحا أم لا، فعقلها مشوش بسبب محيط مجتمعي يضغط عليها ويشلّ تفكيرها.
تقول حنان "أهلي أناس لا يتقبلون بتاتا فكرة الطلاق، ولا يعترفون بها على الإطلاق، ويعتقدون أن كل الأمور لها حلول إلا الانفصال" مستذكرة المرة الوحيدة التي أخذت بها أغراضها، وذهبت إليهم، كيف قاموا بإعادتها في اليوم نفسه إلى البيت، وهو الأمر الذي جعل زوجها يتطاول عليها أكثر وأكثر، ولا يعيرها أي اعتبار.
وبحزن شديد تقول حنان "أعرف أن أهلي سيحاربون فكرة طلاقي، ولهذا سأضطر أن أعيش تحت سقف واحد مع زوج ظالم، حتى لا أحمل لقب "مطلقة".
بيد أن حال سلوى مغاير، فبعد أن تفاقمت المشاكل بينها وبين زوجها، لجأت إلى أهلها وإخوانها، واستقبلوها بأذرع مفتوحة وتفهموا مشكلتها، وفي إطار من الحوار المتبادل حاولوا جميعا دراسة الأمور في حال حدث الطلاق، طالبين منها أن تقرر مصيرها لأن هذه حياتها وهي الأقدر على أن تقرر فيها.
وقررت سلوى الطلاق، ولم تواجه أي صدّ من أهلها، لا بل على العكس، كانوا داعمين لها، ووقفوا إلى جانبها، وحاولوا تخفيف الأضرار النفسية عنها،لأنهم لم يسمحوا له بالتطاول عليها أكثر. وتلفت إلى أن أهلها، كانوا سندا حقيقيا لها، و"سعوا نحو إخراجي من الأزمة، بأي طريقة، مثل البحث لي عن عمل، ودفعي لرؤية أصدقائي والتخفيف عني بشتى الوسائل".
وتقول "لولا وجود أهلي، إلى جانبي ودعمهم لي، لما تجرأت على أخذ مثل هذا القرار، والخلاص من الحياة المريرة التي كنت أعيشها".
وترى أمين سرّ تجمع لجان المرأة الأردنية مي أبو السمن، أن المرأة في هذا الظرف، تقع في أزمة عاطفية ونفسية، وفي حالة ضبابية، حيث لا تعرف القرار الصائب، خصوصاً في مجتمع تقليدي ظالم يقف مع الرجل ضد المرأة.
وتصل الأمور، وفق أبو السمن، إلى حالة من الصراع مع النفس تعيشه المرأة، فتفكر ما بين الظروف الصعبة التي تعيشها، والخلاص من هذه المعاناة، مقابل مجتمع سوف ينعتها بالمطلقة، ويصور لها الأمور كلها بسوداوية.
وتلفت إلى أن دور الأهل الذي هو الأساس والمرتكز الذي تقف عليه الابنة لاتخاذ القرار الصائب، لذلك يجب الوقوف إلى جانبها، والشد من عزيمتها، وإشعارها بالأمان، فضلا عن تقدم الدعم اللازم لها، وطمأنتها أنها لن تتعرض لصعوبات نفسية واقتصادية على الإطلاق.
ويعتبر الاختصاصي الاجتماعي د.منير كرادشة، أن للأهل الدور الكبير في دعم ابنتهم، غير أن المشكلة تكمن في وجود أهالٍ يشجعون المرأة على ثقافة الصمت، ويبررون للزوج تعامله السيئ، تحت ذرائع ومبررات واهية، ما يجعل الزوج يتمادى أكثر.
ولا يخفي كرادشة وجود أهال، يتحلون بالموضوعية والعقلانية، ويلجأون إلى الحوار والنقاش، لدعم ابنتهم سواء على الصعيد النفسي أو الاجتماعي، خصوصاً أنها تكون واقعة تحت معاناة، وبحاجة دعمها ومراعتها والتعامل معها بحساسية وخصوصية عالية جداً.
وللأهل، تأثير كبير على الابنة، وفق اختصاصية العلاقات الزوجية د.نجوى عارف، التي تبين أن دعم الأسرة مهم جداً، خصوصاً أن المرأة لا تأخذ مثل قرار الطلاق إلا لأن كل الطرق أصبحت مسدودة.
وتوجه عارف الأهل في مثل هذه الحالات إلى توعية الابنة، وشرح السلبيات والايجابيات التي ستنتج عن الطلاق، والاتفاق معها على الأبناء والسكن، وطبيعة حياتها كيف ستكون، وعليهم أن يضعوها في الصورة كاملة، وفي حال كانت مصرة على الطلاق، على الأهل الوقوف بجانبها ودعمها.
وفي أحيان كثيرة تختار الزوجة العيش تحت مرارة زوجها، أفضل من أهلها، خصوصا إذا كان هناك أهال يضعون للمطلقة قوانين جديدة، مثل كبت حريتها ومنعها من العمل، ومن الخروج، الأمر الذي يدفعها أن تختار البقاء تحت ظلم زوجها، وفق ما تقوله عارف.
ويركز اختصاصي الطب النفسي د.أحمد الشيخ، على دور الأهل، ودعمهم لابنتهم، وفي حال خذلانهم لها فإن المرأة ستعيش بصراع كبير، يمكن أن يتسبب لها بآثار نفسية حادة، فيما دعم الأهل يخفف من آثار الوصمة الاجتماعية التي قد تعانيها.
وترك الأهل ابنتهم وحيدة من دون أي سند، سيجبرها على العيش مع زوج سيئ، فيما أن الآثار تصبح أقل بكثير في حال دعم الأسرة لها، وفق الشيخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com