الخميس، 16 فبراير 2012

فتيات يعلقن مصائرهن على أبواب العرّافات

مجد جابر

عمان- الفضول ورغبة التعرف على ما سيحدث مستقبلا يقود زبائن، وأغلبهم من الفتيات للذهاب إلى "الفتّاحات أو العرّافات"، اللواتي يعتقدن أن خيالهن يتسع في علم التنجيم، ويتنبأن بما ستؤول إليه الأحوال، وما سيحدث في عالم الخيال!!
العشرينية ربا محمود قادتها الظروف إلى زيارة إحدى "الفتاحات"، بناء على السمعة التي سبقتها ممن ذهبن إليها، ومعظمهن صديقاتها بعد أن روجن لها بالقول: "كلام أم محمد، ما بنزل الأرض"، ما دفعها للتعلق ببصيص الأمل، والتوجه اليها مباشرةً.
وأبدت ربا ارتياحها عندما ذهبت إلى أم محمد، ذائعة الصيت، وهي تستمع إليها، وتطمئنها على مستقبلها، فكانت تبشرها: "بعد ثلاث إشارات سوف تتزوجين، في دبلة بفنجانك"، وكذلك حذرتها من بعض الأشخاص المحيطين بها بقولها: "فتاة على خدها حسنة تغار منك، ورجل تخين عينوا منك، امرأة نحيلة وطويلة تكرهك وتحيك لك المؤامرات".
شعرت ربا من العبارات التي سمعتها، برغبة ملحة باستمرار الذهاب لزيارتها، وإملاء عليها ما تفعله وكيف تتصرف في قادم الأيام وعن ذلك تقول: "أصبحت لا أستغني عنها، وأذهب اليها باستمرار أسبوعيا، واذا استطعت أكثر من مرة لإخبارها بآخر المستجدات، وماذا أفعل وأحيانا كثيرة عندما أكون غير قادرة لوصولها أهاتفها لتقول لي كيف أتصرف".
تقول العرافة، التي رفضت ذكر اسمها، "إنني أفتح للناس من خلال فنجان القهوة وأحيانا بالملح من بعد أن تضمر الفتاة شيئا ما وتريد أن تعرف عنه، فيعج بيتي بالزبائن من السابعة صباحاً وأحيانا يمتد ذلك لبعد صلاة العشاء، كل منهم يريد معرفة طالعه ومستقبله وما سيحدث معه".
وتتابع "تأتي إلي النساء من كل صوب وحدب، ومنهن من يقطعن مسافات طويلة، رغبة منهم لمعرفة ما سيحدث في الأمر الفلاني، أو مع الشخص الفلاني، وهناك من تأتي مرة وتذهب فقط من باب الفضول، ومنهن من يترددن عليّ باستمرار، لتصبح زيارتهن لي أسبوعية وأحيانا أكثر من ذلك".
وعما يدفع كثيرين لا سيما النساء للجوء للعرافات يرى اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي، أن السبب الرئيسي للإقبال على العرافات، فقدان الأمل والبحث عن مخرج، خصوصاً في بعض الأمور الحساسة، وأحيانا يكون الأمر عبارة عن تقليد لصديقات يذهبن بالخفاء إلى العرافة كون قضية الذهاب لها ما تزال وصمة في مجتمعنا.
الخطر برأي الخزاعي، يكمن في التقليد الأعمى والاشادة الكبيرة بقدرات العرافات وبراعتهن، مبينا أن 70 % من قضايا المجتمع متشابهة ولا تختلف عن بعضها بعضا لهذا السبب يجدون الحلول الجاهزة عند البصارات ومن يدعين قراءة المستقبل.
ولسناء (29 عاما) حالة مختلفة، حيث ألحت عليها والدتها بالذهاب إلى إحدى العرافات، لمعرفة ما الذي يقف حائلا وراء عدم ارتباطها حتى الآن، لتلجأ الى إحداهن، وتخبرها "أن هناك من عمل لك عملا، وكلما تصل اللقمة إلى الفم تنسحب منك، وبعد أن يكون الشاب قد أعجب بك يعرض عنك تماما".
هذا الحديث شجع سناء على التواصل مع العرافة، لمعرفة ما يحدث معها، وطلبت منها أن تقوم بإزالة الحجاب أو "العمل"، فطلبت منها مبلغا من المال، وأن تداوم الذهاب إليها حتى تستطيع معرفة ما يحدث معها، وبهذا أصبحت تذهب اليها باستمرار وتسألها عن كل صغيرة وكبيرة، وعما إذا كان هذا الشاب مناسبا لها أم لا.
التربية تلعب دورا مهما في انتشار هذه الظاهرة، وفق الاختصاصي الأسري أحمد عبدالله الذي يرى أن هناك أنماطا من التربية تسود في الأسرة من ضعف شخصية، وعدم تقدير للذات، ما يجعلهم يقبلون على هذا النوع من التصرف.
ويذهب عبدالله، إلى وجود خلل في المهارات، التي تجعل البعض يتعامل مع المستقبل بناء على فهم الواقع الذي هو فيه، ومنها مهارة إيجاد أجوبة للأسئلة التي تقود الشخص إلى "البصّارة أو العرّافة".
ويؤكد أن هذا الأمر يدعو إلى توعية كاملة، حيث تتفهم الفتاة أن حياتها هي مسؤوليتها، وهي من تحددها، وليس اللجوء إلى العرافين وكشف المستقبل.
أما الاختصاصي النفسي د.أحمد الشيخ، فيرى أن شعور الإنسان بقدرته على فهم المستقبل المجهول، يحقق له مشاعر الراحة، من ثم فإن البحث عن طرق من أجل معرفة المستقبل ومعرفة قضايا غير محسوسة يبعث لهم هذه الراحة.
ويؤكد أن الذين يمارسون هذه المهنة يستغلون تلك الرغبة عند الناس، ليتعلقوا بقضايا تخص المستقبل، وعندما تتعلق المسألة بقضية تخص مستقبل الشخص فهذا يجعله حتما يتعلق بذلك ويجعله يشعر براحة نفسية كونه تنبه لهذا الأمر.
"عندما يضع الإنسان كل تفكيره ومشاعره اتجاه شيء، حتما يجعله يتحقق وبمعرفة (الفتّاحة)، فهذا التفكير يرضي الفتاة، حيث تعززه أكثر وتشد عليه لشد انتباهها" وفقا لما يقول الشيخ.
ولا يخفي أن الفكرة تصبح كالوسواس، تدفع صاحبتها إلى الملازمة على الذهاب إلى الفتاحة، وزيارتها باستمرار من أجل إزالة القلق، مبينا أن القلق الذي يرافق الفكرة الوسواسية يتم التعامل معه من خلال تكرار الذهاب لخفض التوتر المرتبط بالفكرة وهذا ما يفسر الإدمان على زيارتها.
وتشعر العرافة بحاجة الفتاة التي تريدها، وتبني على هذه الفكرة، بحيث تظهر للفتاة مشاعر الأمن والارتياح، حتى تتعلق بها، وتلازم زيارتها لإعلامها بكافة المستجدات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com