السبت، 4 فبراير 2012

رحلة الصابون النابلسي الى الجامع الأموي وجزر المتوسط



ان ذكرت نابلس ,فسرعان ما يتبادر للذهن الصابون والمصابن ,ويرجع التاريخ ومؤرخوه صناعة الصابون في نابلس إلى أكثر من ألف عام مضت، مستدلين على ذلك بالكثير من الكتابات التي دونها الرحالة والمؤرخون القدماء ومنهم شمس الدين محمد بن أبي طالب الأنصاري «المقدسي».
وعاش هذا المؤرخ في القرن العاشر الميلادي، وتحدث عن صناعة الصابون، وقال إنه كان يصنع في المدينة ويحمل إلى سائر البلاد، وعندما زارها عام 1200 كتب: «ترمز هذه المدينة إلى قصر بين البساتين أنعم الله عليها بشجرة الزيتون المباركة».
و كان يتم إرسال الصابون إلى دمشق ليستخدم في المسجد الأموي، كما كان يصدر إلى العديد من البلدان وجزر البحر الأبيض المتوسط، وفي زمن الاحتلال الصليبي لفلسطين حظيت نابلس بمكانة مهمة لشهرتها بصناعة أهم أنواع الصابون؛ حتى إن هذه الصناعة أصبحت حكراً على الملك فهو المسؤول عنها، ولا يسمح لأي من أصحاب المصانع بمزاولة الصنعة إلا بعقد يمنحه لهم ملك «بيت المقدس» مقابل مورد مالي دائم من أصحاب المصانع.

ولم يكتف الصليبيون بذلك بل اجتهدوا في نقل الصنعة إلى أوروبا، وتأسست مصانع الصابون من زيت الزيتون في مرسيليا وكانت هذه المصانع تحضر الصابون بطريقة مشابهة لطريقة تحضير الصابون النابلسي.
في عام 1930 نكست صناعة الصابون في نابلس بهزة قوية، كان سببها عدم حماية الاسم التجاري؛ وهو ما شجع العديد من أصحاب المصانع التجارية إلى تقليد علامة الصابون، ثم جاءت الضرائب الجمركية التي فرضتها الحكومة المصرية بالتعاون مع حكومة الانتداب البريطاني وتلتها رسوم الاستهلاك التي فرضتها الحكومة السورية على الصابون النابلسي.

وفرة «زيت الزيتون»
أنعشت صناعة الصابون 
ولا بد من الإشارة إلى أن وفرة «زيت الزيتون» كانت السبب الرئيسي في توفر بيئة مناسبة لصناعة الصابون في نابلس، كما ساعد انتشار الحمامات التركية العامة في المدينة في استمرار هذه الصناعة وزيادة الطلب عليها، فقد ارتبط الصابون النابلسي قديما بالحمامات العامة، إذ كان العامل ينتهي من عمله مساء ويشتري قطعة من الصابون ويذهب بها إلى أحد الحمامات ليغتسل.
تشابهت المصابن في هيكلية البناء لدقة العمل وخصوصيته، فكانت تنقسم إلى أقسام رئيسية:
أول هذه الأقسام يشتمل على الآبار التي تقع تحت الطبقة الأرضية وفيه يخزن الزيت، وقد تراوح عدد الآبار من ثلاث آبار إلى سبع واختلفت سعة كل منها من خمسة أطنان إلى ثلاثين أو أكثر، والبئر الكبرى كانت تسمى «البحرة»، بينما كانت تسمى الصغرى «الجانبي» وتلفظ «الجنيب».
أما القسم الثاني فيحتل كل الطبقة الأرضية ذات السقف العالي، والذي صمم لامتصاص الحرارة المنبعثة من عملية الطبخ، وفي مؤخرة الطبقة الأرضية وعلى جانبيها كانت تقوم مستودعات المواد الأولية الأخرى: القلو والشيد وخزان ماء. وكان «القميم» يقع تحت مستوى الطبقة الأرضية، ويتم الوصول إليه عبر بضع درجات، وفوق القميم كانت القدر النحاسية التي تزن نحو طن، وفي جوار القميم كانت بئر الزيت الجنيب التي كانت تتسع للكمية نفسها من زيت الزيتون التي تستوعبها القدر، وقد صمم موقع هذه البئر بحيث يوفر الوقت في عملية الكيل ويتم الحفاظ على الطاقة؛ فعندما تنتهي الطبخة الأولى تكون الثانية أصبحت دافئة للشروع فيها.
والقسم الثالث من المصبنة كان يسمى المفرض، وكان يحتل الطبقة الثانية كلها، وهناك كان الصابون ينشر ويقطع ويجفف.

طريقة التحضير
في مراحل الإنتاج الأولى كان يوضع مزيج القلو الشيد في جرن حجري ثم يدق بـ «مهتاج» خشبي حتى يصبح مسحوقاً ناعماً، وفي هذا الوقت يسارع العامل في المصبنة لفرش «الشيد» في حوض قليل العمق وينقع في الماء حتى يجف، ثم يطحن المادة طحناً ناعماً ليخلط بعد الانتهاء من ذلك المسحوقين ويضعهما في صف من أحواض التخمير وهي ثلاثة إلى ستة في العادة مرتفعة عن الأرضية.
ويأتي بعد ذلك مرحلة صب الماء الساخن من مبزل يقع في أسفل القدر النحاسية؛ لأن الزيت كان يبقى في الأعلى وعندما يمتص المحتوى الكيماوي للمزيج يجري تقطيره قطرة قطرة في مجموعة مماثلة من الأحواض أدنى من نظائرها وأعمق منها.
تكرر هذه العملية حتى الوصول للمحتوى الكيماوي للماء إلى درجة معينة من القوة ثم يضاف هذا الماء إلى القدر النحاسية كي يمتص الزيت المواد الكيماوية وتنتهي الدورة، وكانت هذه الدورة تتكرر عشرات المرات (متوسطها 40 مرة) بينما يحرك سائل الصابون الساخن في القدر باستمرار بواسطة الدكشاب (وهو قطعة خشبية شبيهة بالمجداف).

اشهر المصابن وأحياء نابلس 
ومن اشهر مصابن نابلس التي وجدت منذ القرنين الثامن والتاسع عشر في أحياء نابلس العريقة كالحبلة والياسمينة والغرب والقريون والشيخ مسلم اسماء كثيرة منها «المصري»، «الرنتيسي»، «كنعان»، «الشكعة»، «النابلسي»و «فطاير ,التي انهارت في زلزال مدينه نابلس 2003»، «فطاير ,حاره الفقوس» أسماء 
وبعد منتصف القرن التاسع عشر إزداد عدد المصابن العاملة في حي الغرب والياسمينة أو باختصار في «شارع المصابن»، واحتوت هذه المصابن على خزانات حجرية للمواد الخام، كما احتوت على مصاطب لتجفيف الصابون، وخزانات حرارية لغلي الصابون ت
اما المرأة الفلسطينية عبر العصور فلجأت لأستخدام الصابون النابلسي لتحافظ على جمال بشرتها، وكما فعلت الجدات مازالت تفعل الحفيدات. 
ويتم تصنيع الصابون النابلسي من زيت الزيتون والماء والملح،ورماد نبتة «الشيح») نبات كان يتم إحضاره من صحراء الأردن وله تأثير قاعدي) ويسمى القلي، والشيد الذي يخلط مع القلي لإنتاج المحلول القاعدي. وقد استبدل القلي حديثًا بمادة هيدروكسيد الصوديوم ذات التأثير المشابه، كما استبدل الجفت وخشب الزيتون كمادة الاحتراق، لإنتاج الحرارة اللازمة لإنضاج طبخة الصابون بوقود نفطي كبديل سهل الحصول عليه. 

يرطب البشرة الجافة 
وهناك أربعة أنواع مختلفة في الشكل واللون والاستعمال. ففي البداية أنتج الصابون الأبيض المصنوع من زيت الزيتون الصافي. ثم أنتج فيما بعد الصابون الأخضر، وسبب تلونه هو استعمال زيت مستخرج من الجفت وهو ناتج عصر الزيتون. ويوجد نوع ثالث، هو الصابون الناعم الذي ينتج من طحن الفتات المتبقي من جوانب الصابون بعد عملية التقطيع. أما النوع الرابع، فهو الصابون المطيّب، ويصنع من بقايا الصابون الأبيض الناتجة بعد عملية التقطيع، حيث يتم بشره وإضافة أصباغ وزيوت عطرية، ويتم بعد ذلك عجن الخليط وقولبته يدويّاً، ثم يتم تكوير القطع باليد.
ومن المعروف أن  استخدام الصابون النابلسي  ينعم  الشعر ويبيض المناطق الغامقة مع كثرة الاستعمال مثل الكوع،الرقبة، الركبة. كما أنه يرطب البشرة الجافة ويزيل تشققات الجلدية التي تظهر في فصل الشتاء. ويساعد في الحفاظ على شباب البشرة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com