السبت، 4 فبراير 2012

حنان الأم يطور قدرات الطفل المعرفية



عمان- لا تقتصر فوائد حنان الأم على بث الدفء والطمأنينة في قلب الطفل، وإنما تتعدى ذلك بالتأثير الإيجابي على دماغه ومهاراته المعرفية. فقد ذكر الموقع الطبي www.medlineplus.gov أن عناية الأم بطفلها وبعث الشعور بالحب له وهو في مرحلة الروضة يزيدان من حجم منطقة حصان البحر hippocampus في دماغه.
وتعرف منطقة حصان البحر، والتي يمتلك كل إنسان اثنتين منها، بأنها منطقة في الدماغ ترتبط بالتعلم والذاكرة والسيطرة على الضغوطات النفسية. ويذكر أن هذه القدرات تزداد مع ازدياد حجم هذه المنطقة، والتي سميت بهذا الاسم نتيجة لشكلها المنحني المشابه لحيوان حصان البحر.
وأوضحت الدكتورة جوان لوبي، وهي بروفيسورة في الطب النفسي في كلية الطب في جامعة واشنطن وإحدى القائمات على الدراسة المذكورة، أن هذه الدراسة، بحسب علمها هي والفريق البحثي الذي قام بها، تعد الدراسة الأولى التي تربط بين العناية الأمومية المبكرة بالطفل وبين النشوء البنيوي لمنطقة مهمة في الدماغ. وأضافت أن هذه الدراسة تقدم دلائل قوية جدا على أهمية الرعاية المبكرة للطفل لنمو دماغ صحي، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على الصحة العامة.
أما عن الكيفية التي أجريت بها هذه الدراسة، فقد قام الباحثون بوضع أطفال تتراوح أعمارهم ما بين الـ 3-6 سنوات في موقف محبط وصعب، حيث وضع الأطفال مع أمهاتهم في حجرة تحتوي على علبة مغلفة بورق هدايا زاهية الألوان. وعلى الرغم من أنه قد سمح للأطفال بفتح هذه العلبة، إلا أن ذلك كان بشرط انتظار إنهاء الأم لتعبئة بعض الاستمارات.
وقام الباحثون بمتابعة هذا الموقف عن كثب، وذلك لمعرفة كيف سيتعامل الأطفال وأمهاتهم مع هذا الموقف، والذي تزيد فيه الضغوطات عن الوضع الطبيعي اليومي، إذ كان على الأمهات إنجاز مهامهن، والتي هي تعبئة الاستمارات، كما وكان على الأطفال السيطرة على رغباتهم في فتح الهدية فورا من دون انتظار أمهاتهم حتى الانتهاء من مهامهن.
ويشار إلى أن الأمهات اللواتي قدمن الدعم والتشجيع لأطفالهن صنفن من الفئة التي تعتني بأطفالها. أما الأمهات اللواتي قمن بإهمال أطفالهن أو قمن بتوبيخهم بخشونة، فقد صنفن ضمن الفئة التي لا تعتني بأطفالها.
وعندما أصبحت أعمار الأطفال الذين شاركوا بهذه الدراسة تتراوح ما بين 7-10 سنوات، قام الأطباء بفحص أدمغة 92 طفلا منهم عبر مسح الرنين المغناطيسي MRI، حيث تبين أن حصان البحر في أدمغة أطفال الأمهات اللاتي صنفن بأنهن يعتنين بأطفالهن كان أكبر بـ   10 % من أقرانهم في المجموعة المقابلة.
وعلقت الدكتورة لوبي على ذلك بأن نتائج هذه الدراسة تقدم دليلا راسخا على أن حصول الطفل على رعاية غنية، يفضي إلى نمو وتطور صحيين لهذه المنطقة المهمة في الدماغ، ما يتبع بنتائج إيجابية من حيث قدرته على التعلم، فضلا عن فوائد أخرى.
ومن الجدير بالذكر أنه ظهر من خلال بعض الدراسات أن هناك ارتباطا ما بين السمات الفيزيائية لأدمغة القوارض وبين عناية أمهاتهم بهم.
وأشار روبرت ماير، وهو أستاذ مساعد في الطب النفسي والسلوك الإنساني في جامعة كاليفورنيا، أن الدراسة المذكورة التي أقيمت على الأطفال وأمهاتهم تظهر أن جوانب البيئة النفسية والاجتماعية المبكرة تؤثر على بنية الدماغ.
وعلى الرغم مما على الأمهات من مسؤوليات في الوقت الراهن، إلا أنه يجب عليهن تخصيص أوقات يومية لمساعدة أطفالهن على التعلم واللعب معهم والتحدث إليهم، وذلك فضلا عن احتضانهم وإشعارهم بالحب والأمان، وذلك بعيدا عن الخادمات أو المربيات، حيث إن تدخلهن في علاقة الأم مع طفلها قد يقطع، أو على الأقل يضعف، ما بينهما من علاقة.
وذكر أن قيام الأم بعقاب طفلها بين فترة وأخرى، من دون الإفراط في شدة العقاب، بغرض تربيته بالشكل السليم إن لزم ذلك لا يؤدي إلى انكماش المنطقة الدماغية المذكورة، بل إن ما يعتد به هو معاملة الأم لطفلها بشكل عام.
ليما علي عبد
مساعدة صيدلاني 
وكاتبة تقارير طبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com