الثلاثاء، 14 فبراير 2012

الشراكة في المدارس وطرائق تعزيزها

أ‌.رنا عدنان مطر تتباهى المجتمعات وتفتخر بما وصلت اليه من انجازات عظيمة جيرت باسمها,ومعظمها كان سببها مواطن بسيط امتلأ قلبه حبا لتراب وطنه والعالم والأنسانية ,بمفهومها الشامل والواسع. 
وليست الاختراعات سوى أفكار تم تطويرها, والبناء عليها ,فوجدت لها تطبيقا في ارض الواقع ,وتاريخنا يحفل بالانجاز من ابن سينا «الشيخ الرئيس» الى الرازي وابن رشد والقائمة تطول ..
ترى هل لنا أن نتوصل الى المفاتيح الخاصة والتي تساعد معلمينا في زرع تلك المبادئ من انتماء ,وتطوير أفكار ,في طلابنا.
كيف يسعى المعلم بطلابه الى أرقى درجة في التعامل والتعبير؟ كيف له أن يزرع القيم ومبادئ المواطنة الصالحة؟
كيف له أن يعلمه الاحترام ومبادئ الحوار الهادف؟ 
ترى هل يستطيع المعلم لوحده أن يقوم بكل هذه الواجبات دون معين؟ يتردد البعض أحيانا عند الاجابة على هذا السؤال، فمنهم من يزعم أن الأساس هو البيت من خلال الآباء ثم المدرسة فالمجتمع بأكمله. والبعض الآخر يأتي ومن منطلق التأكيد على دور المدرسة فسيقول لا ان العبء الأكبر على المدرسة والمعلم هو الأساس.
لماذا لا نفكر بهذه العلاقات من خلال تحديد نقطة البداية ومن أين تبدأ مرحلة الشراكة؟
عندما يولد الطفل يكون أسيرا في حضن والدته فهي التي ستقوم بتربيته وتنشئته حيث تبدأ بتعليمه مهارات الاستقلالية والاعتماد على النفس كالمشي و تناول الطعام ثم تنتقل به الى الحوار من خلال ترديد كلماتها وجملها الى أن تصل به لمرحلة المناقشة حيث تسأل وهو يجيب أو العكس.
 اذا فقد اتبعت الأم سلسلة من المهارات أي أننا لا نستطيع القفز من مرحلة لأخرى دون المرور بالأولى. وبعد أن يصل الطفل لعمر 4 سنوات تأتي مرحلة المدرسة فستتابع المعلمة ما بدأت به الأم من تعليم وهنا نكون قد وصلنا الى أول مرحلة للشراكة ما بين البيت والمدرسة. وبعد ذلك ونظرا لأن مرحلة رياض الأطفال تعتمد على الخبرات الحسية فلا بد للمعلمة من اصطحاب طلابها الى الأماكن العامة للتعرف على البيئة ، اذا فالشراكة توسعت بحيث شملت البيت ممثلة بالأسرة، المدرسة ممثلة بالمعلمة ثم المجتمع الكبير.
ألا تعتقدون أنها مسؤولية كبيرة فكيف لنا أن نتعامل معها؟ هل هنالك من جسور لابد من بنائها؟ أم أننا سننتظر الحمام الزاجل لتوصيل الرسائل بين الأطراف الثلاثة للوصول بالطالب الى أرقى صورة يفتخربها مجتمعنا.

الام تعزز مفاهيم المدرسة 
عندما يبدأ الطفل بالذهاب الى الروضة ستقع المسؤولية الكبرى على عاتق الروضة أو المدرسة، ماذا ستقدم لاشباع رغبات المعرفة عند الطفل وما هي الأساليب التي ستقوم باتباعها لترغيب الطفل بالمادة التي ستقوم بشرحها. وبعد ذلك يأتي دور البيت في المتابعة حيث تقوم الأم بقراءة الأنشطة التي قام طفلها بتنفيذها في المدرسة وتفكر بدورها عن طبيعة الأنشطة التي تستطيع القيام بها في البيت بهدف تعزيز المفاهيم التي تعلمها طفلها في المدرسة.
ومع الأيام ستكبر المسؤولية وتزداد الأعباء على الأسرة، المدرسة والمجتمع. يا ترى ماذا عسانا أن نقدم لنجتاز بطلابنا الى بر الأمان.
بدأ الطفل الآن بمرحلة الصف الأول الأساسي، ماذا سنفعل في هذه المرحلة لتوفير الأساس اللازم لبناء المرحلة الأخرى وهي الصف الثاني الأساسي؟ ترى هل هنالك أنشطة اثرائية لابد من توفيرها أم أن اسلوب المعلمة في التدريس سيكون بمثابة الحافز الذهني للطالب لاكتشاف المعرفة. كأننا اذا نربط الاكتشاف باسلوب المعلمة. ألا ترون أن هذه مسؤولية ضخمة على عاتق المعلمة، فنجاحها هنا سيرتبط بنجاح الطالب. أي وكأننا نقوم ببناء برج مكون من اثني عشر طابقا فقد كانت فترة الروضة هي الخطوة الأولى لصب أساسات البناء الذي سيرتفع الى الطابق الثاني عشر. ألا تعتقدون أن هذا التشبيه هو أقرب ما يكون الى الواقع. فاذا انهار البناء فهذا أكبر دليل على ضعف الأساس والذي يعني خلل في العملية التعليمية والتي سبق وقلنا أنها قائمة على الشراكة ومسؤوليتها موزعة على الجميع الأسرة، المدرسة والمجتمع بجميع فئاته.

ولنحدد الأدوار
الأسرة، يقع على عاتق الأسرة مسؤولية الدعم النفسي للطالب والمعلم معا وذلك من خلال متابعة دروس الطالب والتعرف على الانجازات التي قام بها في مدرسته، الأمر الذي سيشعره بأهمية وجوده بالأسرة بسبب تبادل الأحاديث معه حول المحاور التي تنصب في اهتمامه والمتمثلة بالمعرفة التي تلقاها في المدرسة. وعندما تشعر المعلمة بأن هنالك من يتابع بما بدأت به ستشعر بالفخر وتتحفز لاعطاء المزيد.
المدرسة، وهنا تتعارض الآراء فمهنم من يرى أن دور المدرسة هو دور ثانوي والأهم من ذلك هو البيت لأن الآباء هم من يزرعون المبادئ في أبنائهم. أما البعض الآخر والمتمثل بالآباء فهم يرون أن الأساس ينبع من المدرسة لأنهم لا يمتلكون المعرفة العلمية في كيفية التعامل مع أبنائهم خاصة وأننا نعيش في عصر التكنولوجيا والتعليم المفتوح وبامكان الطالب الحصول على ما يريد فقط بضغط زر الحاسوب.
اذا ما هو الحل هل نستسلم لهذا الصراع أم لنفكر قليلا للوصول الى مفاتيح حل لهذا اللغز الذي من خلاله يعرف كل شخص ما هي طبيعة دوره في العملية التربوية والتعليمية.
تكمن مفاتيح الحل بوضع آلية عامة للضبط المدرسي والتي تتمثل بما يلي:
1- وضع منظومة سلوكية (أي قوانين سلوكية خاصة بالطالب) واضحة تعمم على جميع المدارس في المملكة سواء المدارس الخاصة أو الحكومية والتي من خلالها يتم توضيح دور كل من المعلم والطالب في العملية التعليمية. لن يكون من الصعب وضع هذه المنظومة اذا بدأنا بها بالشكل الصحيح بحيث يتم تشكيل لجنة مكونة من مديريات التربية والتعليم في المملكة لتبحث المشاكل السلوكية الشائعة بين طلاب المدارس. ولتسهيلها أكثر سأقوم بطرح الآلية التالية:
- يقع على عاتق كل مدير/ مديرة مدرسة أن تقوم بالاجتماع مع معلميها لتدوين قائمة بالسلوكيات الغير مرغوب بها من قبل الطلبة (مثال: عدم تسليم الواجبات بالوقت المناسب، التأخير المستمر في الوصول الى المدرسة، استخدام الكلمات النابية مع المعلمين وبقية الطلاب، وهكذا). وبعد ذلك يتم توزيع هذه السلوكيات بناء على المراحل الصفية فمثلا سيكون هنالك أربع قوائم سلوكية موزعة على الصفوف التالية: (الأول – الثالث)، (الرابع – السادس)، (السابع – التاسع)، (العاشر – الثاني عشر).
- يقع على عاتق كل مديرية من مديريات التربية والتعليم تشكيل أربع لجان موزعة على المراحل الصفية التي سبق وتم تقسيمها في البند السابق بحيث تتكون كل لجنة من (مرشد، معلم، مشرف، مسؤول اداري) وتكون مهمة هذه اللجنةدراسة القوائم السلوكية التي تم وضعها من قبل كل مدرسة للوصول بقائمة نهائية يتم استخدامها في المرحلة التي تليها.
- عقد اجتماعات بين لجان المديريات مع اللجنة الفنية والتي تتكون من (طبيب نفسي، مرشد، معلم، مدير مدرسة خاصة، مدير مدرسة حكومية) بحيث يتم التوصل من خلال هذه الاجتماعات تحديد قوانين خاصة بالطالب والتي من خلالها سوف يفكر قبل أن يتفوه بكلمة ما ضد المعلم أو ضد زميل له، لأنه سيكون على علم بما سيناله من جزاء لا أن تترك الأمور مفتوحة أمامه لتنتهي بفصله من المدرسة أو طرده من الصف والذي سيكون بمثابة تعزيز لسلوكه الخاطئ فهو لجأ الى التمادي في تصرفاته لأنه يريد الهروب من المدرسة أو صفه.
- تعمم المنظومة السلوكية على جميع مدارس المملكة.
2- تخصيص حصة اسبوعية لمادة خاصة بتعليم التفكير تطبق من خلال منهج خاص. فمن خلال هذه المادة أنت تقوم بتوسعة مدارك الطلاب من خلال الدروس التي ستقوم بتعليمها لهم والمبادئ التي ستزرعها بهم.
3- تعليم المواطنة الصالحة وتعزيز الانتماء الوطني وذلك من خلال انشاء مركز خدمة مجتمع بكل مدرسة ويكون هذا المركز باشراف المرشد المدرسي الذي ستقع على عاتقه مهام وضع الخطة السنوية الخاصة بالمدرسة والتي تتمثل بتنفيذ الأهداف التالية:
- تعليم حب الوطن من خلال تنفيذ الأنشطة التي تعزز الانتماء والمحافظة على ممتلكات الوطن.
- تعليم الديقراطية.
- المشاركة بأنشطة وفعاليات خاصة بالمحافظة على البيئة.
- تعزيز مفهوم خدمة المجتمع من خلال تنفيذ فعاليات يتم من خلالها اشراك طلاب المدارس بعملية التنمية في المجتمع.
- عقد مؤتمرات سنوية تضم مجموعة من الطلبة بالمشاركة مع عدة مدارس بحيث تتناول هذه االمؤتمرات أهم القضايا على الساحة الدولية وهنا تكون كمعلم وكمرشد ساهمت ببناء شخصية قيادية قادرة على التحليل وبناء الرأي.
- تنسيق محاضرات توعية متنوعة باستضافة ضيوف من مختلف الجهات بحيث يكون الهدف من هذه المحاضرات هو توفير نموذج قيادي أمام الطالب.
اذا قمت بتنفيذ ما طرح أعلاه تكون قد قضيت على وقت الفراغ عند الطالب وساهمت بتنفيس طاقاته النفسية التي كانت قد شكلت عليك عبئا في الماضي كما وتكون قد حافظت على صورتك أمامه كمثال للقيادة البناءة فكما تعلم أنك أنت النموذج الذي يقتدي به.
أما الدور الأهم يكمن في دور وزارة التربية والتعليم والتي هي المظلة الخاصة بمؤسسات التعليم في المملكة وذلك من خلال ما يلي:
1- الاقرار بتنفيذ وتطبيق المنظومة السلوكية الخاصة بالطلبة.
2- فرض تعليم مادة تعليم التفكير في مدارس المملكة حيث أن ومعظم المدارس في بعض الدول العربية كانت قد أقرت تطبيق هذه المادة في مدارسهم منذ سنوات.
3- دعم تطور المعلم المهني من خلال توفير برامج التدريب الهادفة والفعالة والتي تخدم العملية التعليمية.
يا ترى هل سينتهي بنا المطاف الى هنا أم أننا سنبحث عن مزيدا من الأفكار التي تساهم في تعزيز بناء أردننا الغالي، فدورنا هو أسمى رسالة على وجه الكون والتي تتمثل بقيادة جيل والوصول به الى بر الأمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com